رسالة إلى نواب شعب مصر العظيم

السادة نواب مجلس الشعب الكرام، حمة الله وبركاته، فى
البداية أهنئكم بثقة الشعب المصرى العظيم فى اختياركم لتمثيله فى برلمان
الثورة، هذه الثقة الغالية تتطلب منكم السعى الدؤوب والعمل المتواصل لتحقيق
آماله وطموحاته، فهو ينتظر منكم الكثير والكثير، بعد أن صبر على الظلم
والقهر من عصابة قضت على الأخضر واليابس من أجل تحقيق مصالحها الخاصة، ولم
تضع أى اعتبار لمصلحة الوطن والمواطنين.
نواب شعب مصر العظيم، إن المسؤولية عظيمة والعبء ثقيل فى مرحلة فى غاية
الأهمية، تحتاج من الجميع التكاتف والتعاون لتحقيق منجزات الثورة، والدفع
بعجلة الإنتاج والعمل والتقدم فى جميع الميادين، والدفاع عن أمن مصر القومى
ضد أى اعتداء خارجى أو داخلى، فعنصر الزمن ليس فى صالحكم، لأن الرجل
البسيط فى أشد الحاجة إلى أن يسترد كرامته، ويعيش عيشة كريمة لا يُهان
فيها، ويشعر بآدميته وإنسانيته وأمنه، وهذا يتطلب منكم بعد الاستعانة بالله
عمل التالى:
أولا: لابد أن تعلموا أنكم نواب الأمة بكل أطيافها وتوجهاتها وأحزابها
وأديانها، فلا تركنوا إلى العصبية المقيتة، أو التقوقع فى أحزابكم الضيقة،
ولتسعكم مصر أُمُّنا جميعًا، وليكن شعاركم مصر أولا.
ثانيًا: لا تنسوا أن هذا المجلس منوط به اختيار الهيئة التأسيسية لوضع
الدستور الذى يُمثل مصر فى المرحلة القادمة، فاحرصوا على أن تكون هذه
الهيئة ممثِلة لكل طوائف المجتمع وقواه الحية، لأن الدستور هو العقد
الاجتماعى للجميع.
ثالثاً: لا يشغلنّكم البروز بالحديث والتعقيب عن المهمة الأساسية للمجلس
وهى التشريع والرقابة، تشريع القوانين التى تليق بمصر الثورة، ومراجعة كل
القوانين التى تسىء للشعب المصرى، والرقابة الدؤوبة لكل مؤسسات الدولة
لتصحيح مسارها وتوجيه أهدافها.
رابعاً: تعاونوا فيما بينكم من أجل تحقيق مصالح الشعب المصرى، ولا تشغلنّكم
القضايا الفرعية الضيقة عن الأمور العظيمة الكبيرة التى تهُم كل المصريين،
حتى لا يُصاب المواطن بخيبة الأمل والإحباط، فكونوا عند حُسن ظنه بكم.
خامساً: إن اختلفتم فى قضية ما، فعليكم تحكيم العقل والالتزام بآداب الخلاف
وليسع كل منكم الآخر بالود والمحبة والوئام، ولا بأس أن تختلفوا وتتناقشوا
من أجل الوصول إلى الأصوب والأفضل، ولا يخرجنّكم هذا الخلاف عن حدود
اللياقة والأدب فى تعاملاتكم.
سادساً: لا يشغلنّكم الإعلام وجواذبه عن العمل المنتج الفعّال الذى يصُب فى
مصلحة المواطن، واعرضوا قضاياكم فى إطارها الصحيح، لأن الإعلام - للأسف
الشديد - فى هذه المرحلة فى معظم الأحيان يهتم بتوسيع شُقّة الخلاف ويزكيها
بأساليبه المختلفة.
سابعاً: على الأغلبية أن تسع الجميع، وأن تعلم أن المعارضة هى من صميم بناء
الدولة ولتدور مع الحق حيثما كان، وعليها التعاون مع الجميع والاستفادة من
كل الطاقات والقدرات المختلفة لنواب الشعب العظيم، حتى تكونوا عند حُسن ظن
الناس بكم، ولا تغرنّكم الكثرة العددية، فالأهم منها الإنجاز والعمل
المتواصل.
ثامنًًا: اعلموا أن خير الكلام ما قل ودل، وأن الكلمة كالطلقة إذا خرجت لا
تعود، واحرصوا على الدقة والترابط والاختصار فى عرض الأفكار، ولا تتحدثوا
وأنتم خارج نطاق تركيزكم ووعيكم.
تاسعاً: اعلموا أن أى فكرة ليست ملكاً لأحد بل لمن يستطيع فرضها وتطبيقها
وإقناع الناس بها، وأن الأفكار الصحيحة لا تموت بل تتراكم وتتوارث عبر
الأزمان، وأن الفكرة الباردة تصل أبرد وربما تموت فى الطريق.
عاشراً: احرصوا على خدمة الناس، فأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، كما قال
ابن عباس - رضى الله عنه -: «إن لله عبادًا يستريح الناس إليهم فى قضاء
حوائجهم وإدخال السرور عليهم أولئك هم الآمنون من عذاب يوم القيامة».
وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم، وجعلكم من خيرة أجناد مصر ساعين إلى نهضتها ورقيها وتقدمها.