قال اللواء عبد المنعم كاطو، الخبير العسكرى، إن ما حدث أمس من اقتحام مقر
السفارة يعد نوعا من الغوغائية التى لا يمكن السكوت عليها، بأى شكل من
الأشكال، وأن السفارة تحمل صبغة دبلوماسية كان يجب الحفاظ عليها وحمايتها،
ليس لأنها سفارة إسرائيل ولكن كسفارة أجنبية موجودة على أرض مصر بموجب
اتفاقية فيينا، وأن ما حدث هو نقطة فارقة فى الثورة، ولابد أن تدار بحكمة،
وإلا سيفلت العيار ويبدأ المراهقون فى حكم مصر.
وأضاف كاطو أن رد الفعل كان يجب أن يكون حاسماً تجاه إنزال الشاب المصرى
لعلم إسرائيل من السفارة، و"لكن ما حدث أن كرمه رئيس الوزراء وقام المحافظ
بإعطائه شقة وأراد الكل أن يصبح بطلا مثله".
وعن رد فعل إسرائيل، أكد كاطو أن رد الفعل بدأ فعلا بنوع من اللوم الشديد
من إسرائيل، ومطالبة مصر بتأمين السفارة وسحب السفير ومعاونيه، ما يعد
تعبيراً عن غضب شديد من الجانب الإسرائيلى وصيحة للعالم بأنهم لا يشعرون
بالأمان فى مصر، وأن خطاب الرئيس الأمريكى أوباما الذى جاء شديد اللهجة هو
رد فعل قوى وإدانة لمصر عما حدث، وأن إسرائيل تفكر الآن قانونيا فى تقديم
شكاوى إلى الأمم المتحدة والمحكمة الدولية وكل دول العالم، وأنه يجب على
القيادة المصرية احتواء الموقف والاضطرار إلى تقديم اعتذار رسمى لإسرائيل،
و"نحن لم نكن نضطر لذلك لأنه سيؤثر على موقف مصر المطالب بالتحقيق فى مقتل
الجنود المصريين على الحدود، فالثوار أهدروا حقنا وسوءوا صورة الثورة أمام
العالم، والذى سيؤثر بالطبع على قطاع السياحة.
وقال اللواء يسرى قنديل، الخبير العسكرى، إن موقف الثوار لا يعبر عن موقف
الحكومة، فما حدث هو رد فعل من جانب الثوار، خاصة فى ظل حالة العداء
المستمر مع إسرائيل وقتلها لعدد من الجنود المصريين مؤخرا. وأضاف أن كل شىء
جائز فى الثورات، ولكن يجب أن يدرك الثوار أنه لا يمكن إصلاح الأمور كلها
فى عام أو عامين، بعد أن ظلت فى فساد طوال 30 عاماً، خاصة أن الشعب المصرى
لم يعش حياة سياسية نزيهة.
وأضاف اللواء قنديل، أن إسرائيل بالطبع سيكون لها رد فعل قوى، ولكن لن يصل
إلى استخدام عنيف للقوة، وأنه ستكون هناك إجراءات دبلوماسية يعقبها موقف
رمزى يمكن أن يتمثل فى رحيل السفير المصرى من تل أبيب.
الدكتور إبراهيم درويش، الفقيه الدستورى، أكد أن ما حدث من انتفاضة أمس
واقتحام السفارة الإسرائيلية هو أمر طبيعى جدا، وذلك بعد تقاعس النظام
الحالى فى مواجهة ما حدث من انتهاك للسيادة المصرية وقتل للجنود المصريين
على الحدود، لذلك جاء الرد من الشعب وليس من الحكومة.
وأضاف درويش، أن مصر إن قصرت فإنها قصرت فى حماية المصريين وجنودها عدة
مرات ولم تتحرك إسرائيل أو تستجب لتقديم اعتذار رسمى عما حدث منها أو
المطالبة بتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق، ومن ثم كان الرد من الشعب المصرى لأن
الشعب هو من يملك مصر، ورفض درويش أن توقع على مصر عقوبات دولية قائلا:
"المنظمات الدولية لم تقم بتحقيق لمعرفة ملابسات مقتل الجنود المصريين على
الحدود مع إسرائيل عدة مرات، فمن حق الشعوب أن تدافع عن نفسها لأنه دفاع
شرعى".
قال الدكتور إبراهيم عنانى، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس، إنه لا
يمكن تحديد عقوبات دولية على مصر فى الوقت الحالى، لأن ما حدث من اقتحام
للسفارة يحتاج إلى تحقيق موضوعى لبيان إذا كان تم اقتحام السفارة بالفعل؟
وهل كان هناك تقصير أمنى مصرى أم لا؟ وأين كان رجال الأمن الإسرائيليون وقت
الاقتحام؟ وإنه فى ضوء التحقيق يمكن الوصول إلى تقرير نهائى عن المسئول عن
الاقتحام، وبيان ما إذا كانت مصر قصرت فى حماية السفارة أم لا.
وأضاف عنانى أن كل ما سيصدر الآن هو استنكارات من جانب بعض الدول الموالية
لإسرائيل، وأنه ستكون هناك ردود فعل سياسية، وعن موقف مصر من تقصيرها فى
حماية مقر السفارة من عدمه، أكد عنانى أن مصر التزمت ببذل الجهد فى حمايته
السفارة ولا تقع عليها المسئولية هنا عن التقصير لأنها بذلت جهدها.
من جانبه، قال الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولى، إن اقتحام أى
سفارة تقع على أرض مصر يمثل انتهاكاً كبيراً لاتفاقية فيينا للعلاقات
الدبلوماسية التى تم إقرارها عام 1961، وأن هذا الموقف وضع مصر فى حرج،
لأنها ملزمة بحماية جميع السفارات الواقعة على أرضها، وستوقع عليها عقوبات
دولية بموجب الاتفاقية، حيث تنص المادة 22 أنه على الدولة المعتمد لديها
التزام خاص باتخاذ كافة الوسائل اللازمة لمنع اقتحام أو الإضرار بمبانى
البعثة وبصيانة أمن البعثة من الاضطراب أو من الحطّ من كرامتها، وأنه لا
يجوز أن تكون مبانى البعثة أو مفروشاتها أو كل ما يوجد فيها من أشياء أو
كافة وسائل النقل، عرضة للاستيلاء أو التفتيش أو الحجز لأى إجراء تنفيذى،
و"لكن الشعب المصرى لا يفهم ذلك ولا يقدر أن سفارتنا فى أى دولة يمكن أن
يحدث معها مثل ما حدث".
وأضاف رفعت أن مصر كدولة ستتعرض للعقوبة وليس الثوار، لأن من مسئولية الدولة حماية سفارات الدول الأخرى الموجودة على أرضها.