احتفل عدد كبير من المتظاهرين المصريين في ميدان التحرير وسط القاهرة أمس، بنجاح “المظاهرة المليونية” في شارعي طلعت حرب وعبد المنعم رياض المؤديين للميدان . وسادت الأجواء الاحتفالية أطراف المظاهرة الحاشدة التي دعت لها مختلف القوى الوطنية في مصر، ونصبت مكبرات الصوت وسط الشوارع وانطلقت منها أغانٍ وطنية مسجلة للفنانين عبد الحليم حافظ ومحمد منير .
وترددت أنباء عن تجاوز عدد المتظاهرين في ميدان التحرير والشوارع المؤدية إليه والميادين والمناطق المحيطة به عدد مليون متظاهر بكثير . بل إن تقديرات أشارت إلى أن إجمالي عدد المتظاهرين في جميع مدن مصر قارب ثمانية ملايين شخص .
وغصّت ساحة ميدان التحرير بالمتظاهرين في اليوم الثامن للاحتجاجات، وهتف المتظاهرون مطالبين بالتغيير، ورددوا بين الحين والآخر النشيد الوطني المصري . وبرز لافتاً مشاركة كثيفة للأحزاب والقوى السياسية، خصوصاً مناصري حركة الإخوان المسلمين الذين لم يرددوا أي هتافات واكتفوا بالصلاة . وقالت أوساط المتظاهرين إنه يتم التداول باقتراحات في حال لم يتنحّ مبارك أبرزها تنظيم مسيرة حاشدة باتجاه قصر العروبة (الجمهوري) بعد صلاة الجمعة .
وشارك في المظاهرة مواطنون من مختلف الأعمار، فعلى خلاف المظاهرات الماضية التي غلب عليها الطابع الشبابي، شوهد مسنون وأطفال وأعداد كبيرة من النساء .
وجاءت فاطمة عبد السيد وهي ربة منزل إلى المظاهرة وهي تصطحب حفيدتها التي تبلغ عامين وقالت إنها تشارك “للانتقام لدم الشهداء الذي لا يجب أن يهدر”، وقال مصطفى عبد الرازق (24 عاماً) الذي يعمل مدرّساً “جئت للمشاركة وللمطالبة برحيل مبارك” . وأشار محمد المشد، الناشط في حركة “6 أيار” إلى أن “المصريين لن يغادروا الميدان قبل رحيل مبارك” .
من جانبه، قال نور عبدالرحمن من “الجمعية الوطنية للتغيير” إنه “على الرغم من احترام الشعب المصري للجيش إلاّ أن المتظاهرين لن يقبلوا أن تتحول مصر إلى دولة عسكرية” .
وقال أحد شباب الإخوان المسلمين رداً على تخوف البعض من أن “يخطف” الإخوان الاحتجاجات، “نحن لم نرفع أي شعارات دينية خلال المظاهرات في جميع المدن وكل ما نتمنّاه هو أن نستطيع فرض نظام ديمقراطي يتمكّن من خلاله الشعب أن يختار نوابه” .
وحمل عدد من المتظاهرين لافتات تشير إلى أنهم من مناطق أسيوط وسوهاج في صعيد مصر في الجنوب ومن بور سعيد شمال شرق القاهرة، ومحافظة الغربية (شمال) والسويس (شمال شرق) . وحين سئل بعضهم عن كيفية تمكّنهم من الوصول رغم توقف القطارات، قالوا إنهم جاؤوا سيراً على الأقدام منذ أول أمس . وقال أحدهم “جئت سيراً من طنطا” في الغربية .
ونصّبت 4 شاشات كبيرة في الميدان لمتابعة قناة “الجزيرة” القطرية، وعزفت بعض الفرق الموسيقية أغانٍ وطنية وقامت بتلحين الهتافات .
وكان في صفوف المتظاهرين الممثلون عمر الشريف وبسمة وزكي فطين عبد الوهاب وعمرو واكد وخالد الصاوي وخالد أبو النجا والمخرج خالد سعيد والإعلامي محمود سعد .
ولم يتدخّل الجيش الذي أحاطت دباباته بمداخل الميدان، على الإطلاق في نشاط المتظاهرين وكان عمله الوحيد تنظيم دخولهم وخروجهم، فيما حلقت منذ ساعات الصباح الأولى مروحيات فوق وسط القاهرة .
وشكل المتظاهرون لجاناً شعبية انتشرت على مداخل الميدان للتحقق من هويات المتظاهرين و”كل من تشير بطاقته إلى أنه من وزارة الداخلية”، حسب أحد الناشطين الذي أعاد ذلك إلى الخوف من “تسلل عناصر مدسوسة من وزارة الداخلية لإثارة الشغب” .
وعجز الداعية الشاب عمرو خالد عن الوصول إلى ميدان التحرير نظراً للكثافة الشديدة للأعداد والتدافع حوله فقرر المغادرة . كما انضم المستشار زكريا عبدالعزيز وهو قاضٍ بمحكمة استئناف القاهرة، قاد مسيرة في ميدان التحرير محمولاً فيها على الأعناق .
وأقام المتظاهرون محاكمة شعبية بميدان التحرير بعد نحو ساعة من انتهاء سريان حظر التجول صباحاً . وكانت أعداد المحتجين تقدر بأكثر من خمسة آلاف شخص معظمهم بات في الميدان .
وناشد الجيش المصري في بيان المتظاهرين الالتزام بالسلم في مظاهراتهم . وجاء في البيان الذي وزعه الجنود “من حقكم التعبير عن آرائكم ومطالبكم بشكل حضاري وإنساني إلا أن عدم التزام العناصر المنحرفة والهدامة يتسبب في نشر الذعر وأعمال السرقة والنهب والتخريب ما قد تضطر القوات المسلحة إلى التعامل معه بكل شدة وطبقا للقانون” .
وكان الجيش أغلق الطرق المؤدية إلى القاهرة ومدن أخرى، وقال مراسل وكالة “فرانس برس” إن الطريق الذي يربط الإسكندرية بالقاهرة أغلق بحاجز قبل كيلومتر من العاصمة .
وقال مراسل آخر إن الجيش أغلق أيضاً طرق الخروج من مدن المنصورة (دلتا) والسويس (شرق) والفيوم (جنوب) .
وقال شهود عيان إن نحو ربع مليون محتج شاركوا في مسيرات في مدينة الإسكندرية . وقال شاهد في اتصال هاتفي مع “رويترز” “هناك مظاهرة حاشدة قادمة من غرب المدينة ومظاهرتان حاشدتان قادمتان من شرق المدينة، العدد يصل إلى ربع مليون” .
وقالت الناشطة عبير يوسف ل”رويترز” المظاهرات الثلاث ستلتقي في ميدان محطة سيدي جابر (قرب وسط المدينة) . قيادات المسيرة تبحث الاعتصام في الميدان حتى رحيل مبارك أو التقدم في اتجاه يتفق عليه .
وخطب في المحتجين لدى بدء تجمعهم رجل الدين المعروف أحمد المحلاوي من مسجد القائد إبراهيم، حيث احتشدوا مطالباً بالاتفاق على مطلب واحد هو “أن يرحل الرئيس” .
وتشديدا على الطابع الشعبي لحركة المعارضة هتف المتظاهرون “لا حزبية، لا إخوانية، هي ثورة شبابية” ورفعوا لافتة كتب عليها “نموت وتحيا مصر” .
في السويس، احتشد نحو 20 ألفاً، وهم يرددون هتافات منها “ثورة ثورة حتى النصر ثورة في كل شوارع مصر” .
وفي مدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية في الدلتا قال شهود عيان إن نحو مئة ألف محتج نظموا مظاهرة استجابة لدعوة نشطاء الإنترنت إلى مسيرة مليونية . وقالت شاهدة إن المتظاهرين الذين غص بهم “شارع حسني مبارك” رفعوا لافتات كتب على إحداها شعار “شدي حيلك يا بلد الحرية بتتولد” .
وقال شهود عيان إن نحو عشرة آلاف محتج تدفقوا إلى الشوارع في مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية في الدلتا أيضا، ومدينة المحلة الكبرى المشهورة بصناعة الغزل والنسيج .
وقال شاهد في مدينة المحلة الكبرى إن المحتجين رفعوا لافتة عليها صورة الهلال والصليب وعبارة “نعم للتغير السلمي” .
وقال شهود عيان إن ألوف المحتجين تجمعوا في ميدان الساعة بمدينة دمياط الساحلية عاصمة محافظة دمياط . وقال شاهد إن أغلب المحتجين علقوا على صدورهم لافتة كتبت فيها كلمة واحدة هي “ارحل” . وأضاف أن محتجين آخرين يأتون إلى الميدان “أفواجاً بعد أفواج من أحياء المدينة والمدن والقرى القريبة منها” . وتابع إن المحتجين رددوا الأغاني الوطنية والهتافات .
في غضون ذلك، أعلن وزير الإعلام المصري أنس الفقي أن شبكات الاتصال الخلوي في مصر ستتوقف في إطار الإجراءات التي اتخذت استباقاً للتظاهرة المليونية . وقال لشبكة “سي .إن .إن” الأمريكية إن “إجراءات أخرى اتخذت استباقاً للتظاهرات “المليونية”” .
في المقابل، أعلنت مجموعة “غوغل” أنها تعاونت مع “تويتر” خلال نهاية الأسبوع لإطلاق نظام يتيح للمصريين الاتصال بموقع المدونات الصغرى بواسطة الهاتف العادي وبالتالي الالتفاف على قطع السلطات خدمة الإنترنت عنهم . وقال مسؤولو “غوغل” إن “هذا النظام يعمل وبإمكان الجميع إرسال الرسائل إلى تويتر بمجرد ترك رسالة صوتية” .
الجيش يشكر الشعب وينفي ضبط سيارة محملة بالسلاح
نفى مصدر عسكري مصري أمس، تقارير أذيعت عن إيقاف سيارة محملة بأسلحة آلية كانت متجهة إلى ميدان التحرير الذي تجمع به متظاهرون وسط العاصمة .
وقال المصدر إنه لا صحة مطلقة لما بثته قناة فضائية أن متظاهرين أوقفوا سيارة محملة بالأسلحة الآلية كانت متجهة إلى ميدان التحرير، وأضاف أن اللجان الشعبية والجيش يجريان تفتيشاً دقيقاً لجميع الأشخاص الذين يتوافدون على ميدان التحرير، ولا يسمح باقتراب أي سيارة للمنطقة من مسافات كبيرة .
وكانت قناة “الجزيرة” ذكرت أن متظاهرين أوقفوا سيارة محملة بالأسلحة الآلية متجهة إلى ميدان التحرير . ونسبت القناة هذا الخبر إلى أحد مراسليها .
إلى ذلك، ذكر التلفزيون المصري في نبأ عاجل نقلاً عن مصدر أمني أنه تم رصد عناصر “غير مصرية” تقوم بتوزيع منشورات “تحريضية” . ولم يوضح المصدر مضمون تلك المنشورات أو جنسية العناصر التي تم إلقاء القبض عليها .
كما أعلن التلفزيون أن مصدراً أمنياً آخر حذر من محاولات عناصر تخريبية إشاعة العداء بين القوات المسلحة والشعب . من ناحية أخرى أشاد الجيش المصري أمس، على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع في بيان بثه التلفزيون المصري بتعاون المواطنين مع الجيش من أجل الحفاظ على النظام وحماية الممتلكات .
وجاء في البيان الذي قرأه المتحدث باسم وزارة الدفاع المصرية “تتقدم القوات المسلحة لمواطني مصر الشرفاء وشباب مصر الواعي بالشكر والتقدير على تعاونهم مع القوات المسلحة لتأمين الممتلكات العامة والخاصة” .
ودعا البيان المواطنين إلى التعبير عن آرائهم بالطرق السلمية وعدم الانصياع إلى ما وصفه البيان بالأفكار الهدامة .
وحذر المتحدث من ارتداء غير العسكريين للزي العسكري، قائلاً إن من يخالف ذلك سيتعرض للأحكام العسكرية . (وكالات)
وزير الداخلية: فرار نحو 17 ألف سجين
أعلن وزير الداخلية المصري محمود وجدي أمس، أن ما يقرب من 17 ألف سجين بينهم 20 فلسطينياً بعضهم من المتهمين في “قضايا إرهاب”، فروا من السجون خلال الأحداث التي تشهدها مصر .
وقال وجدي خلال تفقده أقسام الشرطة المحترقة، إن السجون المصرية الآن تحت السيطرة، وأشار إلى هروب عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من بعض السجون، وأكد أن عناصر الجماعة المحتجزين في سجن طرة لم يهرب أي منهم . كما نفى هروب هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري المسجونين في قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم .
وأشاد وجدي باللجان الشعبية المنتشرة في الشوارع المصرية والتي تقوم بتفتيش السيارات والأفراد لضبط الخارجين على القانون .
والتقى عدداً من كبار مساعديه، وطالبهم بسرعة التحرك والنزول إلى الشارع لضبط الأمن والسيطرة على الوضع . (د .ب .أ)
إصابة 4 في اشتباك بين معارضين ومؤيدين في كفر الشيخ
أعلن شهود عيان أن مؤيدين للرئيس المصري حسني مبارك اشتبكوا، أمس، مع محتجين في مدينة كفر الشيخ بدلتا النيل وأن أربعة أصيبوا .
وقال شاهد إن المؤيدين الذين وصل عددهم إلى مئتين، وكانوا مسلحين بالسيوف والسواطير، هاجموا المحتجين الذين وصل عددهم إلى آلاف .
وأضاف أن قوات من الجيش حاولت الفصل بين الجانبين . وأن المصابين من المعارضين .
وقال شاهد في مدينة الإسكندرية الساحلية إن عشرات من مؤيدي مبارك هاجموا بعض المشتركين في مظاهرة احتجاج ضخمة، وإن متظاهرين حاولوا ضربهم، لكن محتجين آخرين هتفوا “سلمية . . سلمية” .
ونظم حوالي 15 ألف مصري تظاهرتين في ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية إحداهما ضد الرئيس وهي الأكبر، بينما ضمت الأخرى نحو ألفي شخص تأييداً لمبارك، حيث رددوا هتافات “نعم لمبارك . . لا للتظاهر لا للتخريب” .(وكالات)
الأمم المتحدة: مقتل 300 مصري وجرح 3 آلاف
قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي أمس، إن تقارير غير مؤكدة تشير إلى مقتل 300 شخص وإصابة أكثر من 3 آلاف آخرين في الاحتجاجات المستمرة في مصر، وحثّت السلطات على الاستماع لمطالب الشعب بإصلاحات جذرية لتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية .
وقالت بيلاي “يتصاعد عدد الضحايا بشكل يومي، وتشير التقارير غير المؤكدة إلى مقتل حوالي 300 شخص حتى الآن وإصابة أكثر من 3 آلاف واعتقال المئات” . وحثت السلطات المصرية على ضمان أن رجال الشرطة وغيرها من قوات الأمن “تتفادى الاستخدام المفرط للقوة”، ودعت إلى إجراء تحقيق شامل في الدور الذي لعبته قوات الأمن في أعمال العنف .
وحثّت على رفع قانون الطوارئ الذي أسهم في السماح بانتهاكات تقوم بها قوات الأمن .
كما أعربت بيلاي عن قلقها من الفراغ الأمني بعد انسحاب عناصر الشرطة من الشارع، ودعت إلى التحقيق في الأسباب التي دفعت السلطات لاتخاذ هذا القرار الذي عرض الناس لتهديدات أمنية .
ورحبت بإعلان الجيش المصري أنه لن يستخدم القوة مع المتظاهرين، وحثت الحكومة على إعادة فتح وسائل الاتصال والانترنت ووسائل النقل ووقف محاصرة الصحافيين .
من جهتها، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن التعذيب يعد مشكلة مزمنة في مصر وأن مطلب إنهاء انتهاكات الشرطة كان عنصراً مُحفزاً للتظاهرات الشعبية الضخمة .
وأضافت “هيومن رايتس” في تقرير لها “إن محاكمة المسؤولين عن التعذيب وإلغاء قانون الطوارئ ينبغي أن تكون أولوية للحكومة المصرية” . ووثق التقرير المُكوّن من 106 صفحات، كيف تغاضت الحكومة ضمنياً عن إساءات الشرطة بعدم التحقيق ومقاضاة المتهمين بالتعذيب، وترك الضحايا من دون علاج . وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش “يستحق المصريون قطيعة نظيفة من ممارسة التعذيب الرهيبة الراسخة” . وأضاف “إنّ سجل الحكومة المصرية الشنيع في هذه القضية هو جزء كبير ممّا يُبقي الحشود في الشوارع” . (وكالات)
مصر تعيش "المظاهرة المليونية" بـ 8 ملايين في مختلف المدن