قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف متفق عليه وفي رواية في الصحيحين ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أنا وكافل اليتيم هكذا وأشار بالسبابة والوسطى يعني بالأصبع السبابة والوسطى والأصبع السبابة هي التي بين الوسطى والإبهام وتسمى السبابة لأن الإنسان يشير بها عند السب فإذا سب شخصا قال هذا وأشار بها وتسمى السباحة لأن الإنسان يشير بها أيضا عند التسبيح ولهذا يشير الإنسان بها في صلاته إذا جلس بين السجدتين ودعا رب اغفر لي وارحمني كلما دعا رفعها يشير إلى الله عز وجل لأن الله في السماء جلا وعلا وكذلك أيضا يشير بها في التشهد إذا دعا السلام عليك أيها النبي السلام علينا اللهم صلى على محمد اللهم بارك على محمد في كل جملة دعائية يشير بها إشارة إلى علو الله تعالى وتوحيده وفرج بينهما عليه الصلاة والسلام يعني قارن بينهما وفرج يعني أن كافل اليتيم مع النبي عليه الصلاة والسلام في الجنة قريب منه وفي هذا حث على كفالة اليتيم وكفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم وما أشبه ذلك وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن . واليتيم حده البلوغ فإذا بلغ الصبي زال عنه اليتيم # وإذا كان قبل البلوغ فهو يتيم هذا إن مات أبوه وأما إذا ماتت أمه دون أبيه فإنه ليس بيتيم وكذلك الحديث الذي بعده فيه أيضا ثواب من قام بشئون اليتيم وإصلاحه أما الحديث الثالث فإن الرسول عليه الصلاة والسلام يقوم ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف يعني المسكين ليس الشحاذ الذي يشحذ الناس ترده اللقمة واللقمتان يعني إذا أعطيته لقمة أو لقمتين أو تمرة أو تمرتين ردته بل المسكين حقيقة هو الذي يتعفف كما قال تعالى يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف هذا هو المسكين حقيقة لا يسأل فيعطى ولا يتفطن له فيعطي كما يقول العامة عاف كاف ما يدري عنه هذا هو المسكين الذي ينبغي للناس تفقده وإصلاح حاله والحنو عليه والعطف عليه وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للمسكين أن يصبر وأن ينتظر الفرج من الله وأن لا يتكفف الناس أعطوه أو منعوه لأن الإنسان إذا علق قلبه بالخلق وكل إليهم كما جاء في الحديث من تعلق شيئا وكل إليه وإذا وكلت إلى الخلق نسيت الخالق بل اجعل أمرك إلى الله عز وجل وعلق رجاءك وخوفك وتوكلك واعتمادك على الله سبحانه وتعالى فإنه يكفيك ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره كل ما أمر الله عز وجل به فهو بالغك لا يمنعه شيء ولا يرده شيء فالمسكين يجب عليه الصبر ويجب عليه أن يمتنع عن سؤال الناس لا يسأل إلا عند الضرورة القصوى إذا حلت له الميتة حل له السؤال أما قبل ذلك ما دام يمكنه أن يتعفف ولو أن يأكل كسرة من خبز أو شقة من تمرة فلا يسأل ولا يزال الإنسان يسأل الناس ثم يسأل الناس ثم يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وما في وجهه مزعة لحم وليحذر الإنسان من التشبه ببعض الذين يترددون على الناس يسألونهم وهم أغنياء الذين إذا ماتوا وجد عندهم الآلاف توجد عندهم الآلاف من الذهب والفضة والدراهم القديمة والأوراق وهم إذا رأيتهم قلت إن هؤلاء أفقر الناس ثم هم يؤذون الناس بالسؤال أو يسألون الناس وهم ليس عندهم شيء لكن يريدون أن يجعلوا بيوتهم كبيوت الأغنياء وسياراتهم كسيارات الأغنياء ولباسهم كلباس الأغنياء فهذا سفه المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور اقتنع بما أعطاك الله إن كنت فقيرا فعلى حسب حالك وإن كنت غنيا فعلى حسب حالك أما أن تقلد الأغنياء وتقول أنا أريد سيارة فخمة وأريد بيتا فارها وأريد فرشا ثم تذهب تسأل الناس سواء سألتهم مباشرة قبل أن تشتري هذه الأشياء التي أردت أو تشتريها ثم تذهب تقول أنا على دين وما أشبه ذلك فكل هذا خطأ عظيم اقتصر على ما عندك وعلى ما أعطاك ربك عز وجل واسأل الله أن يرزقك رزقا لا يطغيك رزقا يغنيك عن الخلق وكفى نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسلامة