الشرط الأول :
والإخلاص شرط في كل عبادة والتوبة من العبادات ، قال الله تعالى : (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) فمن تاب مراءاة للناس ، أو تاب خوفاً من سلطان لا تعظيماً لله عزوجل فإن توبته غير مقبولة .
الشرط الثاني :
: وهو انكسار الإنسان وخجله أمام الله عزوجل أن فعل ما نهي عنه ، أو ترك ما أوجب عليه .
فإن قال قائل : الندم انفعال في النفس ، فكيف يسيطر الإنسان عليه؟
فالجواب : أنه يسيطر عليه إذا أشعر نفسه بأنه في خجل من الله عزوجل وحياء من الله ويقول : ليتني لم أفعل وما أشبه ذلك .
وقال بعض أهل العلم : إن الندم ليس بشرط .
أولاً : لصعوبة معرفته.
والثاني : لأن الرجل إذا أقلع فإنه لم يقلع إلا وهو نادم، وإلا لاستمر، لكن أكثر أهل العلم - رحمهم الله - على أنه لا بد أن يكون في قلبه ندم .
الشرط الثالث :
فإن كانت المعصية ترك واجب يمكن تداركه وجب عليه أن يقوم بالواجب ، كما لو أذنب الإنسان بمنع الزكاة ، فإنه لا بد أن يؤدي الزكاة ، أو كان فعل محرماً مثل أن يسرق لشخص مالاً ثم يتوب ، فلا بد أن يرد المال إلى صاحبه ، وإلا لم تصح توبته.
فإن قال قائل : هذا رجل سرق مالاً من شخص وتاب إلى الله، لكن المشكل كيف يؤدي هذا المال إلى صاحبه ؟ يخشى إذا أدى المال إلى صاحبه أن يقع في مشاكل فيدّعي مثلاً صاحب المال أن المال أكثر ، أو يتّهم هذا الرجل ويشيع أمره، أو ما أشبه ذلك ، فماذا يصنع؟
نقول : لا بد أن يوصل المال إلى صاحبه بأي طريق ، وبإمكانه أن يرسل المال مع شخص لا يتهم بالسرقة ويعطيه صاحبه، ويقول : يا فلان هذا من شخص أخذه منك أولاً والآن أوصله إليك ، ويكون هذا الشخص محترما ًأميناً بمعنى أنه لا يمكن لصاحب المال أن يقول : إما أن تعين لي من أعطاك إياه وإلا فأنت السارق ، أما إذا كان يمكن فإنه مشكل.
مثال ذلك: أن يعطيه القاضي، أو يعطيه الأمير يقول : هذا مال لفلان أخذته منه ، وأنا الآن تائب، فأدّه إليه. وفي هذه الحال يجب على من أعطاه إياه أن يؤدّيه إنقاذاً للآخذ وردّاً لصاحب المال .
فإذا قال قائل : إن الذي أخذت منه المال قد مات، فماذا أصنع؟
فالجواب : يعطيه الورثة، فإن لم يكن له ورثة أعطاه بيت المال.
فإذا قال : أنا لا أعرف الورثة ، ولا أعرف عنوانهم ؟
فالجواب : يتصدّق به عمن هو له ، والله عزوجل يعلم هذا ويوصله إلى صاحبه فهذه مراتب التوبة بالنسبة لمن أخذ مال شخص معصوم.