السلام عليكم
[size=21]اقدم لكم هذه القصة القصيرة النادرة للكاتب الايطالي
[size=21]دينو بوزاتي المتوفي بميلانو سنة 1972
ارجو ان تنال رضاكم
[size=29]البدلة المسحورة
[/size][/size]
رغم إعجابي بأناقة اللباس، فإنني عادة لم أكن أعير أدنى اهتمام للجودة الكبيرة أو الصغيرة التي فصلت بها بذل الناس،
ومع ذلك تعرفت ذات مساء في حفل أقيم بمنزل ب ” ميلانو “، على شخص في
الأربعين، يتألق بسبب الروعة التناسبية الخالصة والمطلقة للباسه.
لم أكن أعرفه، التقيته للمرة الأولى عن طريق التقديم كما يحدث عادة، وكان
من المستحيل علي معرفة اسمه، لكن في لحظة معينة من السهرة، وجدت نفسي
قريبا منه، فبدأنا نتجاذب أطراف الحديث.
كان يظهر رجلا مهذبا وجد مؤنس، ومع ذلك تشوبه مسحة من الحزن، وبألفة ربما
مبالغ فيها – تمنيت لو جنبني الله إياها – أثنيت على أناقته، بل تجرأت
فسألته من يكون خياطه الخاص. افتر ثغره عن ابتسامة صغيرة فضولية، وكأنه
كان يتوقع هذا السؤال، رد قائلا:” لا أحد يعرفه تقريبا، ومع ذلك هو خياط
ماهر كبير، لكنه لا يشتغل إلا عندما يروق له ذلك، ولزبائن محدودين فقط.”
- من أمثالي….؟
- أوه ! يمكنك أن تحاول، يمكنك دائما، اسمه كورتشيلا، ألفونسو كورتشيلا. 17 شارع فيرارا.
- أتخيل أثمانه باهظة.
- أعتقد، نعم، لكن الحق يقال، لا أعرف شيئا. لقد خاط لي هذه البذلة منذ ثلاث سنوات، ولم يبعث لي بأتعابه بعد.
- قلتَ كورتيتشيلا؟ 17 شارع فيرارا؟
- ” تماما ”
أجاب الغريب، ثم تركني ليختلط بجماعة أخرى.
بالرقم 17 من شارع ” فيرارا “، وجدت منزلا لا يختلف عن غيره، وكان محل ”
ألفونسو كورتشيلا ” شبيها بمحلات الخياطين الآخرين، فتح لي الباب بنفسه.
كان شيخا قصير القامة، ذا شعر أسود مصبوغ دون شك. ولدهشتي الكبيرة لم أجد
معه أية صعوبة، بل ظهر على النقيض راغبا في أن يراني زبونا له، شرحت له
كيف حصلت على عنوانه، وأظهرت إعجابي بتفصيلة ثوبه، وطلبت أن يخيط لي منها
بذلة، اخترنا ثوبا صوفيا ناعما، ثم أخذ مقاساتي وعرض علي أن يكمل القياس
عندي بالمنزل. سألته عن الثمن، فأجابني بأن الأمر ليس مستعجلا، وأننا
سنتفق دائما. في البداية قلت مع نفسي ياله من رجل لطيف، لكنني بعد ذلك،
شعرت عند عودتي إلى البيت، أن العجوز القصير قد ترك لدي نوعا من الضيق
والانزعاج ( لعله بسبب ابتساماته الملحة والمبالغ في عذوبتها )، على
العموم لم تكن لدي رغبة في رؤيته من جديد، لكن البذلة قد تم طلبها منذ
الآن، وستصبح جاهزة بعد حوالي عشرين يوما.
وعندما تم تسليمها لي، قستها لبضع ثوان أمام المرآة، كانت عبارة عن تحفة،
لكنني لم أكن أعرف سبب عدم رغبتي في ارتدائها، ربما كان ذلك بسبب تذكري
للعجوز الكريه. ومرت عدة أسابيع قبل أن أتعود على الأمر. ظل ذلك اليوم
راسخا بذاكرتي، كان يوم ثلاثاء من شهر أبريل، وكان الجو ممطرا، وعندما
ارتديت البذلة – السروال والصدرية والسترة – أدركت بمتعة أنها لا تضايقني
مثلما يحدث مع الألبسة الجديدة، وعلى كل حال، فقد كانت في غاية الإتقان.
عادة لا أضع شيئا في الجيب الأيمن لسترتي، بل أضع أوراقي في الجيب الأيسر،
وهذا ما يفسر إدراكي لوجود ورقة بالداخل عند إدخالي يدي لجيبي بعد ساعتين
في مكتبي، لعلها ورقة حساب الخياط؟ لا، كانت ورقة مالية من فئة عشرة آلاف
ليرة.
ظللت مشدوها، لم أكن أنا طبعا من وضعها هناك، من جهة أخرى كان من العبث
التفكير في مزحة قام بها الخياط “كورتشيلا ” ، أو في هدية من طرف الخادمة،
وهي الوحيدة التي سنحت لها فرصة الاقتراب من البذلة بعد الخياط، هل هي
ورقة بنكية مزيفة؟ عكستها على الضوء وقارنتها مع غيرها فوجدتها صحيحة،
ويستحيل أن تكون غير ذلك. قد يكون التفسير الوحيد هو عدم انتباه من ”
كورتشيلا “، فلربما قد منحه زبون عربونا، فوضعه في جيب سترتي التي كانت
معلقة، وهذه أشياء ممكنة الوقوع. قرعت الجرس مناديا السكرتيرة، كنت عازما
على إرسال كلمة ” لكورتشيلا ” لأعيد له ماله الذي ليس من حقي. لكنني في
هذه اللحظة بالذات، ولا أعرف لماذا، أدخلت يدي إلى جيبي من جديد.
” ما بك سيدي؟ هل تشعر بوعكة؟ ”
انتظرو الباقى هنا ايضا على قلعة التميز والاختلاف منتدى النجــــــــــــــــــــــــــــــــــــوم
. [/size]